ميرغني شيخ مكي البكري في ونسة بين الأمس واليوم
صفحة 1 من اصل 1
ميرغني شيخ مكي البكري في ونسة بين الأمس واليوم
اتونست معاه: نهى محمد ربيع: ضيفنا اليوم بداياته كانت كصناعي متخصص في الأعمال الجلدية وذلك رغم انه كان يحمل شهادة المدارس الوسطى وشهادة الابتدائية من المعهد العلمي وكان ذلك كفيلا بأن يلحقه بإحدى الوظائف الحكومية التي كانت متاحة في اواخر الأربعينات لخريجي المرحلة الوسطى ولكنه فضل العمل اليدوي نزولا عن رغبة والده الذي كان مناهضاً للعمل الحكومي في ظل الاستعمار.. فلندع ضيفنا الاستثنائي يعرفكم بنفسه.. الحجر الأصم
* الاسم بالكامل: ميرغني شيخ مكي البكري.. من مواليد أم درمان حي الهاشماب عام 1928م، متزوج وله 6 بنات وولدان.. بدأ العمل الصحفي بمراسلة الصحف التي كانت تصدر في اواخر الاربعينات واوائل الخمسينات وكانت لا تتعدى صحف (صوت السودان) و(النيل) و(التلغراف) و(الرأي العام) و(السودان الجديد).. حيث كانت تنشر له كل ما يرسله لهذه الصحف من مواد مختلفة وهذا ما شجعه على ان يراسل تلك الصحف وبالذات صحيفة التلغراف التي خصصت له عمودا ثابتا بعنوان (صور من الحياة) يتناول الحياة بكل ألوانها واشكالها وكان اول احتراف رسمي له في الصحافة في مجلة الصباح الجديد، لصاحبها ورئيس تحريرها الشاعر حسين عثمان منصور كمحرر رياضي وكان من ضمن اعضاء رابطة الصحفيين الرياضيين والتي لم يبق من اعضائها الاحياء سوى بروف علي شمو ومبارك خوجلي وسيد صالح شهلابي..
* كيف ومتى اتجهت للصحافة الفنية؟
- أولاً قبل ان اجيب على هذا السؤال اعتبر نفسي من اكثر الصحفيين الذين اطلقوا الألقاب على كثير من أهل الرياضة والفن وهذا اللقب الذي اطلقته عليّ يا نهى - الحجر الأصم - هو من احب الالقاب الى نفسي وذلك من دون الالقاب الكثيرة التي اطلقت علي في مشواري الصحفي ومازالت ونعود للسؤال قبل ان اتخصص في النقد الرياضي قد كتبت كثيرا في النقد الاجتماعي والقصة والفن واول موضوع فني كتبته كان سنة 1951م وهو خاص بأغنية الفنان احمد المصطفى (فؤادي) وكان عنوانه (أحمد المصطفى السامبست) لكونه أول مطرب ادخل ايقاع السامبا في الاغنية السودانية، اضافة الى انه لما توقفت مجلة الاذاعة عن الصدور عام 89 قد نقلت الى وكالة انباء السودان حيث تخصصت في الاخبار العالمية والداخلية والتحقيقات (صحفي شامل) وقبل هذا وبحكم تواجدي مع شلة الاصدقاء وكلهم من أهل الشعر والغناء والدراما فقد كنت محيطا بكل ما يدور في هذه الكيانات الثلاثة ومن ثم كان من السهل علي ان احرر صفحة فنية، وكانت بعنوان (اذاعة واذاعيون) عام 58 الى جانب صفحتي الرياضية في الصباح الجديد.
* ولماذا تخليت عن النقد الرياضي واتجهت الى الفن؟
- في حوالي 64 كان النقد الرياضي ليست فيه العنصرية الصارخة للتحزب الأعمى مثل ما هو حاصل هذه الايام حيث كنا لا نعرف هذا اعلام هلالي وذاك اعلام مريخي فكان ولاؤنا للقارئ تقديم مواد محايدة تتشح بالصدق والامانة، وأول ظهور لهذه العنصرية في الصحافة الرياضية ادخلها الشاعر مرسي صالح سراج شاعر اغنية (هام ذاك النهر) لمحمد وردي، ومعه الدرامي الكبير السر أحمد قدور وذلك في جريدة الناس، ولما نجحت اشعارهم المريخية بالنسبة لمشجعي المريخ عمل صاحب المجلة (الصباح الجديد) لكي يكتب معي في صفحتي الرياضية (الحيادية) وذلك من دون استشارتي وانا الذي عملت لمدة 10 سنوات كصحفي رياضي وفني في هذه المجلة ومن دون اخذ أي راتب او حافز، وهذا كان هو حال النقاد الفنيين والرياضيين في كل الصحف، وفرأيت هذا افتراء لكرامتي وايضا افسادا للنهج الذي كانت تسير عليه صفحتي الرياضية ولهذين السببين توقفت عن النقد الرياضي، خاصة وانه قد صادف كسر قدم اللاعب صديق منزول الذي اطلقت عليه لقب الامير وكان هو لاعبي المفضل وكانت تربطني به صداقة قوية وذلك رغم نقدي العنيف له.
* وبعد (الصباح الجديد) أين اتجهت؟
- تجاذبتني صحيفتان وكنت اعمل بهما معا وفي نفس الوقت هما جريدة النداء التي كان صاحبها ورئيس تحريرها وزير الاعلام الاتحادي الاسبق عبد الماجد ابو حسبو المحامي وجريدة (التلغراف) التي شهدت أول مواضيعي.. ولا يفوتني ان اذكر وانا محرر في الصباح الجديد اني كنت اشرف على الصفحة الرياضية في صحيفة الزمان السياسية ما بين عامي 57 و58 وكان معي بروف علي شمو.
* في هذا الجانب هل لك عمنا البكري اضافات جديدة؟
- أنا دائماً لا احب الحديث عن نفسي ولكن في هذه السانحة سوف اتحدث عن تاريخي.. لا افخر فيه بشخصي ولكني سوف اتحدث فيه كموثق للمسيرة الرياضية حيث كانت الصحافة الرياضية ذاك العهد وقفاً ومختصرة على وصف المباريات فقط ومن جانبي ففي الصباح الجديد والزمان ادخلت لأول مرة الخبر والموضوع والنقد وصور اللاعبين.. اضافة لكوني اول ناقد رياضي جعل الصفحة الرياضية يومية في الصحافة السودانية علماً بأن وصف المباريات تلك لم يكن يوميا بل هو وقف على وصف المباريات الكبيرة بين يوم واخر وهذا (تاريخ ما اهمله التاريخ) والعزاء ان كثيرا من الاحياء يعرفون هذه الحقيقة.
* ملاحظ ان لك علاقة كبيرة بالاذاعة والاذاعيين منذ ان كتبت في الفن والى الآن ما هي اسباب ذلك؟
- نحن كأبناء بحي البوستة وحضرت مولد هذه الاذاعة عام 1940م ونحن صغار جدا وقبلها كنا نستمع الى الاذاعات من راديوهات المقاهي الكبرى التي كانت منتشرة في ميدان البوستة أيام زمان، كان صوتها يلج الى اذاننا يعني تقدري تقولي ان الاذن قد تشبعت بالاستماع الاذاعي منذ للصغر والسبب الرئيسي في انجذابي الاذاعي يعود الفضل فيه الى الصديق بروف علي شمو فهو الذي ادخلني الاذاعة لأول مرة في مبناها القديم في بيت الامانة عام 56 وهو ايضا الذي كان سببا في معرفة فطاحلة المذيعين وقتها امثال ابو الاذاعة متولي عيد وابو عاقلة يوسف وصلاح أحمد وعبد الرحمن الياس وطه حمدتو وغيرهم ولازالت المعرفة بالاذاعيين متصلة وممتدة حتى عهد معتصم فضل وهي ليست علاقة صحافة فقط انما هي علاقة عشرة وصداقة وزمالة دعمها عملي في مجلة الاذاعة لمدة 30 عاما متصلة.
* مما نعرفه انك صاحب علاقات قوية وممتدة من جيل الرواد من امثال أحمد المصطفى وحسن عطية والكاشف وحتى الجيل الحاضر وهذا ما لم يحظ به أي صحفي فني آخر بماذا تفسر ذلك؟
- أولاً عندما عرفت هؤلاء العمالقة في فن الغناء لم اكن صحفيا وانما كصديق بحكم تواجدهم الدائم في مقهى جورج مشرقي، ومن ثم بعدما اصبحت صحفيا فنيا كنت أعاملهم وأعيش بينهم كرفيق وصديق ثم تأتي الصحافة الفنية بعد ذلك وكان هذا التعامل له الفضل في كبح جماح قلمي من التهور والتطاول عليهم ،الامر ينسحب على كل الأجيال التي اتت بعد اولئك الرواد وحتى جيل شكر الله ومحمد حسن حاج الخضر وطه سليمان وندى القلعة ولا اقول حنان بلوبلو.
* ولماذا ذكرت حنان بلوبلو؟
- أولاً اسم بلوبلو هو الاغنية (المُلاكا) دواما على لساني والامر الثاني هو انها لا تعد من جيل ندى وانما هي الجيل السابق لها.
* نخرج من هذا الخط عمنا ونسألك عن العلاقة بينك وبين جيل الشباب من أهل الصحافة الفنية؟
- نحن كرواد ينبغي علينا ان يكون لنا امتداد لنورثه لمن بعدنا والحمد لله انا وفقت في ذلك وانا - واعوذ بالله من كلمة انا - فإن كثيرا من يعملون في هذه الصحافة الفنية هم من تلامذتي ويسيرون على نهجي وهم كثر ولا داعي لتحديد الاسماء حتى لا احرج آخرين وممكن ان تلاحظيهم في العديد من الصفحات والاعمدة الفنية في مختلف الصحف الكبرى.
* من أطلق عليك لقب شيخ النقاد؟
- هذا اللقب اعتقد انه ينطبق علي من ناحية السن او العمر ولكن من ناحية المهنة فلا.. فأنا وزملائي ممكن ان يطلق علينا صحافة فنية وليس نقادا لان الناقد من المفترض ان يكون متخصصا وانا لست بالمتخصص وهذا اللقب اعتبره تشريفا من صديق العمر بروف علي شمو والذي يعرف عني الكثير المباح وغير المباح.
* ماذا عن (غير المباح)؟
- تعلمنا في الصحافة ان بعض ما يعرف لا يكتب ولا يقال وهذا يندرج في نطاق غير المباح بمعنى ان الكاتب يكتب ما ينبغي ان يعرف وان يمتنع عن الجانب الآخر والذي هو (غير المباح) الذي تحتفظ به لنفسك.. وانا شخصيا لدي من هذا الجانب (الكثير) ولكن كما ذكرت لك انفاً بأن علاقاتي الشخصية كانت لي درعا من التردي الى درك الاثارة وفضح الناس لهذا احجمت عما اعرفه.
* ما هو رأيك في الزوابع الاخيرة في رحلات المطربين والمطربات الى ولاية مايدوغري (رحلات الشريف)؟؟
- في اعتقادي أنها زوبعة في فنجان والغرض منها إثارات صحفية ولا اذيع لك سرا بأن السبب في هذه الزوابع كان من خلفها المطربات ذاتهن غيرة وحسدا من الفنانة المحبوبة محليا وفي دول الجوار ندى القلعة.. بسبب المكاسب التي حصلت عليها من دون الاخريات وكان هذا هو السبب المباشر علما بأن كل الذين التقيت بهم من الذين سافروا الى تلك الرحلات قد اجمعوا بأن هذه الرحلات لم يحدث فيها او يتخللها ما يسيء الى سمعة السودان، ولو حدث ذلك بالفعل لكانت قد جاءت تقارير من سفارتنا تفيد عن هذه الاساءات للسودان بمعنى أنها كانت رحلات مشرفة وناشرة للفن السوداني في ذلك البلد، وثانيا ان كل ما وجه الى شريف مايدوغري كان لا اساس له من الصحة حيث وضح ان الشريف عاشق للغناء السوداني وان كل من ذهب الى نيجيريا وجد منه الاحترام والتقدير والتعامل الطيب النزيه ومن كل حاشيته.. ويكفيه قولاً ما قاله عنه نقيب الفنانين السابق الدكتور عبد القادر سالم وهو قول فصل لا يقبل المغالطة.. وبعدين لا ننسى ان الشريف متابع لكل قنواتنا كذلك اعوانه هنا في السودان يرصدون كل ما غني ولهذا هو عليم رغم بعده عن المجال الغنائي..
* ما رأيك عمنا البكري في نجوم الغد؟
- حقيقة لا يعرفها الكثيرون ان الاخ بابكر صديق قبل ان يكون مقدم برنامج ومكتشف نجوم هو اديب وشاعر وفنان تشكيلي ومهندس ديكور، وفوق ذلك كان النشاط الثقافي والادبي في الجزيرة كان هو الدينمو المحرك له.. لا عجب اذا وفق في برنامجه (أصوات وأنامل) وانا اعتقد ان (نجوم الغد) كان نافذة لكي يطل منها الموهوبون في مجال الغناء والشعر شبابا وشابات.. فوجدوها في هذا البرنامج فرصة ومما لا شك فيه ان هذا البرنامج قد ظهرت من خلاله العديد من الاصوات المغردة ولكن يبقى السؤال هو ماذا بعد الظهور؟ وهذا هو بيت القصيد فهل لهذه الاصوات فرصة لتسلك الطريق الصحيح الذي سلكه غيرهم من الذين سبقوهم من حيث الالتزام والصبر وبذل الجهد في الحصول على الانتاج الجيد الذي يثبت الاقدام والاستمرارية ام تسلك الطريق الآخر من اجل الانتشار والشهرة في اغاني الآخرين واللهث والجري خلف العدادات بالداخل والخارج، وهو الطريق الآخر الذي يؤخر ولا يقدم.. فتلك هي قضايا نجوم الغد.. فأي من الطريقين سوف يختار النجم..
* جنرال التلفزيون الكل يعرف علاقتك القوية بجنرال النيل الازرق حسن فضل المولى فما هو رأيك في تقديم استقالته؟
- انت عاوزة الجد والصدق؟ انا اذا كنت مكان حسن فضل المولى لقدمت استقالتي منذ امد طويل وذلك لمضايقات وتدخلات وحسد وغيرة، علما بأن حسن فضل المولى قد تولى قيادة القناة وهي فقيرة وبلا ميزانية وبلا برامج وبلا معدين اكفاء وكانت مديونة وبلا مشاهدة كثيفة واليوم اصبحت دائنة، فإنسان كهذا لابد ان يكون هدفا لاعداء النجاح وفي يقيني ان قيادي ناجح مثله لابد ان كل قناة في الداخل أو الخارج او أية مؤسسة كبرى تتمنى ان يكون بينها نسبة لنجاحاته وانجازاته التي حققها اينما عمل ومهما كان فإن ابتعاده أكبر خسارة للنيل الازرق ومشاهديها، وهذا رأي ليس من صديق يعرفه وانما الواقع المعاش والذي يعرفه كل اعلامي في هذا البلد والله يوفقه اين ما كان وأين ما سيذهب وبالله التوفيق.
* اخيرا الشكر اجزله للاستاذ مربي الاجيال ميرغني البكري وكلمة اخيرة لقراء ونسة عمنا ميرغني.
- أتمنى ان يجد الفن الغنائي وأهله كبارا وصغارا وناشئة الفرصة واسعة امامهم في اجهزة الاعلام الرسمية مثل ما كان الحال في السابق وان تنتشر الاندية الثقافية التي من الممكن ان تبرز هذا النشاط الغنائي وأتمنى ان تكثر الرحلات الغنائية الى الخارج وان نستقبل البعثات الفنية الغنائية من كل الدول الغربية والافريقية مثل ما كان الحال ايام طلعت فريد في حكومة عبود..
* وهل من عودة هل؟
- ولك شكري ابنتي نهى، لأنك عرفت كيف تستنطقين (الحجر الأصم) مع التمني ان اكون قد وفقت فيما ادليت به من حديث، وارجو ان يكون ثراً وليس غثاً.
* الاسم بالكامل: ميرغني شيخ مكي البكري.. من مواليد أم درمان حي الهاشماب عام 1928م، متزوج وله 6 بنات وولدان.. بدأ العمل الصحفي بمراسلة الصحف التي كانت تصدر في اواخر الاربعينات واوائل الخمسينات وكانت لا تتعدى صحف (صوت السودان) و(النيل) و(التلغراف) و(الرأي العام) و(السودان الجديد).. حيث كانت تنشر له كل ما يرسله لهذه الصحف من مواد مختلفة وهذا ما شجعه على ان يراسل تلك الصحف وبالذات صحيفة التلغراف التي خصصت له عمودا ثابتا بعنوان (صور من الحياة) يتناول الحياة بكل ألوانها واشكالها وكان اول احتراف رسمي له في الصحافة في مجلة الصباح الجديد، لصاحبها ورئيس تحريرها الشاعر حسين عثمان منصور كمحرر رياضي وكان من ضمن اعضاء رابطة الصحفيين الرياضيين والتي لم يبق من اعضائها الاحياء سوى بروف علي شمو ومبارك خوجلي وسيد صالح شهلابي..
* كيف ومتى اتجهت للصحافة الفنية؟
- أولاً قبل ان اجيب على هذا السؤال اعتبر نفسي من اكثر الصحفيين الذين اطلقوا الألقاب على كثير من أهل الرياضة والفن وهذا اللقب الذي اطلقته عليّ يا نهى - الحجر الأصم - هو من احب الالقاب الى نفسي وذلك من دون الالقاب الكثيرة التي اطلقت علي في مشواري الصحفي ومازالت ونعود للسؤال قبل ان اتخصص في النقد الرياضي قد كتبت كثيرا في النقد الاجتماعي والقصة والفن واول موضوع فني كتبته كان سنة 1951م وهو خاص بأغنية الفنان احمد المصطفى (فؤادي) وكان عنوانه (أحمد المصطفى السامبست) لكونه أول مطرب ادخل ايقاع السامبا في الاغنية السودانية، اضافة الى انه لما توقفت مجلة الاذاعة عن الصدور عام 89 قد نقلت الى وكالة انباء السودان حيث تخصصت في الاخبار العالمية والداخلية والتحقيقات (صحفي شامل) وقبل هذا وبحكم تواجدي مع شلة الاصدقاء وكلهم من أهل الشعر والغناء والدراما فقد كنت محيطا بكل ما يدور في هذه الكيانات الثلاثة ومن ثم كان من السهل علي ان احرر صفحة فنية، وكانت بعنوان (اذاعة واذاعيون) عام 58 الى جانب صفحتي الرياضية في الصباح الجديد.
* ولماذا تخليت عن النقد الرياضي واتجهت الى الفن؟
- في حوالي 64 كان النقد الرياضي ليست فيه العنصرية الصارخة للتحزب الأعمى مثل ما هو حاصل هذه الايام حيث كنا لا نعرف هذا اعلام هلالي وذاك اعلام مريخي فكان ولاؤنا للقارئ تقديم مواد محايدة تتشح بالصدق والامانة، وأول ظهور لهذه العنصرية في الصحافة الرياضية ادخلها الشاعر مرسي صالح سراج شاعر اغنية (هام ذاك النهر) لمحمد وردي، ومعه الدرامي الكبير السر أحمد قدور وذلك في جريدة الناس، ولما نجحت اشعارهم المريخية بالنسبة لمشجعي المريخ عمل صاحب المجلة (الصباح الجديد) لكي يكتب معي في صفحتي الرياضية (الحيادية) وذلك من دون استشارتي وانا الذي عملت لمدة 10 سنوات كصحفي رياضي وفني في هذه المجلة ومن دون اخذ أي راتب او حافز، وهذا كان هو حال النقاد الفنيين والرياضيين في كل الصحف، وفرأيت هذا افتراء لكرامتي وايضا افسادا للنهج الذي كانت تسير عليه صفحتي الرياضية ولهذين السببين توقفت عن النقد الرياضي، خاصة وانه قد صادف كسر قدم اللاعب صديق منزول الذي اطلقت عليه لقب الامير وكان هو لاعبي المفضل وكانت تربطني به صداقة قوية وذلك رغم نقدي العنيف له.
* وبعد (الصباح الجديد) أين اتجهت؟
- تجاذبتني صحيفتان وكنت اعمل بهما معا وفي نفس الوقت هما جريدة النداء التي كان صاحبها ورئيس تحريرها وزير الاعلام الاتحادي الاسبق عبد الماجد ابو حسبو المحامي وجريدة (التلغراف) التي شهدت أول مواضيعي.. ولا يفوتني ان اذكر وانا محرر في الصباح الجديد اني كنت اشرف على الصفحة الرياضية في صحيفة الزمان السياسية ما بين عامي 57 و58 وكان معي بروف علي شمو.
* في هذا الجانب هل لك عمنا البكري اضافات جديدة؟
- أنا دائماً لا احب الحديث عن نفسي ولكن في هذه السانحة سوف اتحدث عن تاريخي.. لا افخر فيه بشخصي ولكني سوف اتحدث فيه كموثق للمسيرة الرياضية حيث كانت الصحافة الرياضية ذاك العهد وقفاً ومختصرة على وصف المباريات فقط ومن جانبي ففي الصباح الجديد والزمان ادخلت لأول مرة الخبر والموضوع والنقد وصور اللاعبين.. اضافة لكوني اول ناقد رياضي جعل الصفحة الرياضية يومية في الصحافة السودانية علماً بأن وصف المباريات تلك لم يكن يوميا بل هو وقف على وصف المباريات الكبيرة بين يوم واخر وهذا (تاريخ ما اهمله التاريخ) والعزاء ان كثيرا من الاحياء يعرفون هذه الحقيقة.
* ملاحظ ان لك علاقة كبيرة بالاذاعة والاذاعيين منذ ان كتبت في الفن والى الآن ما هي اسباب ذلك؟
- نحن كأبناء بحي البوستة وحضرت مولد هذه الاذاعة عام 1940م ونحن صغار جدا وقبلها كنا نستمع الى الاذاعات من راديوهات المقاهي الكبرى التي كانت منتشرة في ميدان البوستة أيام زمان، كان صوتها يلج الى اذاننا يعني تقدري تقولي ان الاذن قد تشبعت بالاستماع الاذاعي منذ للصغر والسبب الرئيسي في انجذابي الاذاعي يعود الفضل فيه الى الصديق بروف علي شمو فهو الذي ادخلني الاذاعة لأول مرة في مبناها القديم في بيت الامانة عام 56 وهو ايضا الذي كان سببا في معرفة فطاحلة المذيعين وقتها امثال ابو الاذاعة متولي عيد وابو عاقلة يوسف وصلاح أحمد وعبد الرحمن الياس وطه حمدتو وغيرهم ولازالت المعرفة بالاذاعيين متصلة وممتدة حتى عهد معتصم فضل وهي ليست علاقة صحافة فقط انما هي علاقة عشرة وصداقة وزمالة دعمها عملي في مجلة الاذاعة لمدة 30 عاما متصلة.
* مما نعرفه انك صاحب علاقات قوية وممتدة من جيل الرواد من امثال أحمد المصطفى وحسن عطية والكاشف وحتى الجيل الحاضر وهذا ما لم يحظ به أي صحفي فني آخر بماذا تفسر ذلك؟
- أولاً عندما عرفت هؤلاء العمالقة في فن الغناء لم اكن صحفيا وانما كصديق بحكم تواجدهم الدائم في مقهى جورج مشرقي، ومن ثم بعدما اصبحت صحفيا فنيا كنت أعاملهم وأعيش بينهم كرفيق وصديق ثم تأتي الصحافة الفنية بعد ذلك وكان هذا التعامل له الفضل في كبح جماح قلمي من التهور والتطاول عليهم ،الامر ينسحب على كل الأجيال التي اتت بعد اولئك الرواد وحتى جيل شكر الله ومحمد حسن حاج الخضر وطه سليمان وندى القلعة ولا اقول حنان بلوبلو.
* ولماذا ذكرت حنان بلوبلو؟
- أولاً اسم بلوبلو هو الاغنية (المُلاكا) دواما على لساني والامر الثاني هو انها لا تعد من جيل ندى وانما هي الجيل السابق لها.
* نخرج من هذا الخط عمنا ونسألك عن العلاقة بينك وبين جيل الشباب من أهل الصحافة الفنية؟
- نحن كرواد ينبغي علينا ان يكون لنا امتداد لنورثه لمن بعدنا والحمد لله انا وفقت في ذلك وانا - واعوذ بالله من كلمة انا - فإن كثيرا من يعملون في هذه الصحافة الفنية هم من تلامذتي ويسيرون على نهجي وهم كثر ولا داعي لتحديد الاسماء حتى لا احرج آخرين وممكن ان تلاحظيهم في العديد من الصفحات والاعمدة الفنية في مختلف الصحف الكبرى.
* من أطلق عليك لقب شيخ النقاد؟
- هذا اللقب اعتقد انه ينطبق علي من ناحية السن او العمر ولكن من ناحية المهنة فلا.. فأنا وزملائي ممكن ان يطلق علينا صحافة فنية وليس نقادا لان الناقد من المفترض ان يكون متخصصا وانا لست بالمتخصص وهذا اللقب اعتبره تشريفا من صديق العمر بروف علي شمو والذي يعرف عني الكثير المباح وغير المباح.
* ماذا عن (غير المباح)؟
- تعلمنا في الصحافة ان بعض ما يعرف لا يكتب ولا يقال وهذا يندرج في نطاق غير المباح بمعنى ان الكاتب يكتب ما ينبغي ان يعرف وان يمتنع عن الجانب الآخر والذي هو (غير المباح) الذي تحتفظ به لنفسك.. وانا شخصيا لدي من هذا الجانب (الكثير) ولكن كما ذكرت لك انفاً بأن علاقاتي الشخصية كانت لي درعا من التردي الى درك الاثارة وفضح الناس لهذا احجمت عما اعرفه.
* ما هو رأيك في الزوابع الاخيرة في رحلات المطربين والمطربات الى ولاية مايدوغري (رحلات الشريف)؟؟
- في اعتقادي أنها زوبعة في فنجان والغرض منها إثارات صحفية ولا اذيع لك سرا بأن السبب في هذه الزوابع كان من خلفها المطربات ذاتهن غيرة وحسدا من الفنانة المحبوبة محليا وفي دول الجوار ندى القلعة.. بسبب المكاسب التي حصلت عليها من دون الاخريات وكان هذا هو السبب المباشر علما بأن كل الذين التقيت بهم من الذين سافروا الى تلك الرحلات قد اجمعوا بأن هذه الرحلات لم يحدث فيها او يتخللها ما يسيء الى سمعة السودان، ولو حدث ذلك بالفعل لكانت قد جاءت تقارير من سفارتنا تفيد عن هذه الاساءات للسودان بمعنى أنها كانت رحلات مشرفة وناشرة للفن السوداني في ذلك البلد، وثانيا ان كل ما وجه الى شريف مايدوغري كان لا اساس له من الصحة حيث وضح ان الشريف عاشق للغناء السوداني وان كل من ذهب الى نيجيريا وجد منه الاحترام والتقدير والتعامل الطيب النزيه ومن كل حاشيته.. ويكفيه قولاً ما قاله عنه نقيب الفنانين السابق الدكتور عبد القادر سالم وهو قول فصل لا يقبل المغالطة.. وبعدين لا ننسى ان الشريف متابع لكل قنواتنا كذلك اعوانه هنا في السودان يرصدون كل ما غني ولهذا هو عليم رغم بعده عن المجال الغنائي..
* ما رأيك عمنا البكري في نجوم الغد؟
- حقيقة لا يعرفها الكثيرون ان الاخ بابكر صديق قبل ان يكون مقدم برنامج ومكتشف نجوم هو اديب وشاعر وفنان تشكيلي ومهندس ديكور، وفوق ذلك كان النشاط الثقافي والادبي في الجزيرة كان هو الدينمو المحرك له.. لا عجب اذا وفق في برنامجه (أصوات وأنامل) وانا اعتقد ان (نجوم الغد) كان نافذة لكي يطل منها الموهوبون في مجال الغناء والشعر شبابا وشابات.. فوجدوها في هذا البرنامج فرصة ومما لا شك فيه ان هذا البرنامج قد ظهرت من خلاله العديد من الاصوات المغردة ولكن يبقى السؤال هو ماذا بعد الظهور؟ وهذا هو بيت القصيد فهل لهذه الاصوات فرصة لتسلك الطريق الصحيح الذي سلكه غيرهم من الذين سبقوهم من حيث الالتزام والصبر وبذل الجهد في الحصول على الانتاج الجيد الذي يثبت الاقدام والاستمرارية ام تسلك الطريق الآخر من اجل الانتشار والشهرة في اغاني الآخرين واللهث والجري خلف العدادات بالداخل والخارج، وهو الطريق الآخر الذي يؤخر ولا يقدم.. فتلك هي قضايا نجوم الغد.. فأي من الطريقين سوف يختار النجم..
* جنرال التلفزيون الكل يعرف علاقتك القوية بجنرال النيل الازرق حسن فضل المولى فما هو رأيك في تقديم استقالته؟
- انت عاوزة الجد والصدق؟ انا اذا كنت مكان حسن فضل المولى لقدمت استقالتي منذ امد طويل وذلك لمضايقات وتدخلات وحسد وغيرة، علما بأن حسن فضل المولى قد تولى قيادة القناة وهي فقيرة وبلا ميزانية وبلا برامج وبلا معدين اكفاء وكانت مديونة وبلا مشاهدة كثيفة واليوم اصبحت دائنة، فإنسان كهذا لابد ان يكون هدفا لاعداء النجاح وفي يقيني ان قيادي ناجح مثله لابد ان كل قناة في الداخل أو الخارج او أية مؤسسة كبرى تتمنى ان يكون بينها نسبة لنجاحاته وانجازاته التي حققها اينما عمل ومهما كان فإن ابتعاده أكبر خسارة للنيل الازرق ومشاهديها، وهذا رأي ليس من صديق يعرفه وانما الواقع المعاش والذي يعرفه كل اعلامي في هذا البلد والله يوفقه اين ما كان وأين ما سيذهب وبالله التوفيق.
* اخيرا الشكر اجزله للاستاذ مربي الاجيال ميرغني البكري وكلمة اخيرة لقراء ونسة عمنا ميرغني.
- أتمنى ان يجد الفن الغنائي وأهله كبارا وصغارا وناشئة الفرصة واسعة امامهم في اجهزة الاعلام الرسمية مثل ما كان الحال في السابق وان تنتشر الاندية الثقافية التي من الممكن ان تبرز هذا النشاط الغنائي وأتمنى ان تكثر الرحلات الغنائية الى الخارج وان نستقبل البعثات الفنية الغنائية من كل الدول الغربية والافريقية مثل ما كان الحال ايام طلعت فريد في حكومة عبود..
* وهل من عودة هل؟
- ولك شكري ابنتي نهى، لأنك عرفت كيف تستنطقين (الحجر الأصم) مع التمني ان اكون قد وفقت فيما ادليت به من حديث، وارجو ان يكون ثراً وليس غثاً.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى